مقاله الاهرام 18 ديسمبر 2023

ربما لا يعلم الكثيرون أن الفريق المصمم لمكتبة الإسكندرية يضم مهندسًا مصريًا، هو المهندس إيهاب الحباك، ابن مدينة الإسكندرية، الذى ألهم الفريق ومنحهم منظورًا تاريخيًا وحضاريًا لمدينته، الذى دفعه حبه لها لإجراء دراسات حولها فى أثناء دراسته للماجستير فى الولايات المتحدة الأمريكية، استخدمت فيما بعد لتصميم المكتبة الجديدة، التى أصبحت رمزًا للمدينة الساحلية ومركزًا للعلم والثقافة والمعرفة.

وبسؤاله عن كيفية مشاركته للفريق النرويجى فى تصميم مكتبة الإسكندرية، قال: «عقب انتهاء دراستى فى كلية الهندسة جامعة الإسكندرية قسم عمارة عام ١٩٨٣، سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة العمارة والتخطيط فى جامعة جنوب كاليفورنيا، وفى هذه الأثناء تعرفت على مجموعة من الزملاء من دول مختلفة، وعقب انتهاء الماجستير فى عام ١٩٨٧، عرض على الصديقان النمساوى كريستوف كابلر والأمريكى كريج دايكر، المساهمة مع المجموعة المكونة بجانب اثنين من النرويج لمشاركتهم فى مشروع تصميم المكتبة عقب مشاركتهم فى مسابقة دولية نظمتها جمعية الاتحاد المعمارى الدولى ومنظمة «اليونسكو»، والمشروع دخل تحت العلم النرويجى لأن الزميلين من النرويج هما من تقدما للمسابقة».

وبالنسبة لأعمال التصميم، أشار إلى أن الزميلين النرويجيين انضما إليهم فى لوس أنجلوس للعمل على تصميمات المشروع، واستمرت المناقشات لمدة شهرين للوصول إلى فكرة التصميم، وكان المهندس الأمريكى كريج شاعرا، فكتب فكرة المشروع على هيئة شعر عن فلسفة البناء، وأنها مكتبة تاريخية كان لها دور فى نقل الحضارة إلى العالم عبر أوروبا، وقد درس العلماء الكبار فيها، وقال إنه من هنا جاءت فكرة الجمع بين الحاضر والماضى والمستقبل. وأضاف أنهم قد اطلعوا على الأبحاث والدراسات التى أجراها عن الإسكندرية خلال الماجستير، وتم استلهام شكل المكتبة الدائرى من الميناء الشرقى، وتم تصميمها بشكل مائل لتكون بمثابة كشاف يشع ضوءا يضئ لأوروبا.

وأشار الحباك إلى أنهم لم يتخيلوا أن يحصلوا على جائزة بهذا المستوى لتنفيذ التصميم، قائلا: «كنا صغار السن فى عمر ٢٨ عامًا، وننافس كبار المعماريين فى مسابقة عالمية، حيث تقدم ما يقرب من ١٤٠٠ مكتب من ٧٧ دولة، وتم قبول ٥٤٠ مشروعا للتنافس».

وحول الصعوبات التى واجهتهم خلال تلك المرحلة، قال: «من المواقف التى واجهتنا أن صاحب المركز الثانى وهو معمارى إيطالى شهير شعر بالغضب عقب تفوق فريق من الشباب عليه، وتواصل مع رئيس الوزراء الإيطالى للتواصل مع رئيس الوزراء المصرى لرفض صاحب المركز الأول، بحجة أن المشروع منخفض عن مستوى سطح الماء، وبالتالى لن ينجح، وعلى إثر ذلك شكلت منظمة «اليونسكو» والاتحاد المعمارى الدولى لجنة من ثلاث جامعات مصرية، هى الإسكندرية والقاهرة وعين شمس، لمناقشة ثلاث عشرة ثغرة فى المشروع للرد عليها بتقرير، وبالفعل قمنا بتحضيره وتقديمه إلى رئيس الوزراء المصرى الذى اعتمد المشروع عقب ذلك».

وأضاف: «كما أن رئيس لجنة التحكيم كارل وارنكى، أخبرنا أنه لم ير مشروعا حصل على إجماع لجنة التحكيم البالغ عددهم أحد عشر عضوًا، وعندما اطلعنا على المشروعات الأخرى ادركنا أن مشروعنا مختلف، إذ إنه ضخم فى مساحته، وطريقة تصميمه بشكل مائل جعله يبدو انسيابيًا لا يحجب مجال الرؤية، كما أنها بناء حديث بلمسة قديمة، فالسقف مصنوع من معدن الألومنيوم والزجاج والجدار من حجر تم إحضاره من محافظة أسوان محفور عليه ابجديات من كل دول العالم».

وقال إنه عقب انتهاء التصميم الهندسى للمكتبة، انتهى دوره مع الفريق، حيث توجه لاستكمال مسيرته المهنية التى استمرت حتى عام ١٩٩٦، فيما استكمل الفريق التصميم الإنشائى.

ومن المفارقات الطريفة، قال إنه عقب إذاعة حفل المشروع عام ١٩٨٩على القنوات المصرية، وجدت صدى هذا الحفل فى الشارع المصرى، وظللت لمدة أسبوع عقب ذلك يرفض سائقو سيارات الأجرة الحصول على أجرتهم، لشعورهم بالفخر أن يكون هناك مهندس مصرى من ضمن المجموعة الحاصلة على الجائزة الأولى.

وعن شعوره عند افتتاح المكتبة، قال: «احساس لا يمكن وصفه بكلمات، كونى معماريا شاركت فى وضع فكرة على الورق، وعقب ذلك أراه متحققًا على أرض الواقع، بتكلفة وصلت فى حينها إلى ٢١٣ مليون دولار»، ولكنه أعرب عن حزنه لكونه رغم مشاركته فى تصميم المكتبة وتوجيه خطاب شكر للفريق المصمم لها من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، فإنه لم يحصل على التكريم المناسب، كما لم يحصل على دعوة رسمية للمشاركة فى الاحتفالية التى نظمتها مكتبة الإسكندرية بمناسبة مرور ٢١ عاما على افتتاحها استضافت خلالها المكتب النرويجى، والذى تواصل معه مباشرة للمشاركة معهم، كما منحوه الكلمة خلال الحفل ووجهوا الشكر له.

وأضاف قائلا: «كما أننى لا أتمكن من دخول المكتبة إلا من خلال تذكرة كما لو كنت غريبا، وبشكل عام أنا لا أدعم وجود تذاكر لدخول أى مكتبة.